
مـاري فـكري
عُقدت جلسة بعنوان “فن السرد في عالم الشركات: عندما تلتقي الاستراتيجية التجارية بالرؤية السينمائية” ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة، أدارها عمرو منسي، المدير التنفيذي والمؤسس الشريك لمهرجان الجونة السينمائي. جمعت الجلسة بين قيادات ثلاث شركات كبرى في السوق المصري المهندس محمد أبو غالي، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة أبو غالي موتورز، كريم خضر، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيبسيكو مصر، وهشام مهران، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة أورانج مصر.

بدأ عمرو منسي الحوار بتوجيه سؤال إلى المتحدثين: “ما هي قصة علامتكم التجارية؟”. فأجاب هشام مهران بأن شركة «أورانج» ركّزت منذ دخولها السوق المصري على الحضور المحلي والتميّز، موضحًا: “نحن في السوق منذ خمسة وعشرين عامًا، وكنّا في السابق تحت اسم موبينيل، واستمررنا في الحفاظ على قربنا من الجمهور بعد التحوّل إلى أورانج”.
أما كريم خضر، فأشار إلى أن شركة “بيبسيكو” تتواجد في السوق المصري منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا، وقد نجحت في بناء هوية قريبة من المستهلك المصري، مضيفًا أن مصر تُعدّ البلد الوحيد الذي يمتلك علامة تجارية محلية مثل «شيبسي» بهوية مصرية خالصة.
وتحدث محمد أبو غالي عن التحوّل الذي قادته شركته منذ عام 2007، حيث انتقلت من مجرد تجارة السيارات إلى مفهوم حلول التنقّل، قائلاً: “قررنا أن نكون جزءًا من حياة الناس اليومية، نساعدهم على التنقّل من نقطة إلى أخرى من خلال منظومة متكاملة تضم علامات تجارية مختلفة، هدفها ليس الربح فقط، بل أيضًا القيمة التي نقدّمها للمجتمع”.

ثم انتقل الحديث إلى العلاقة بين السينما وعالم الأعمال، حيث رأى عمرو منسي أن صانع الفيلم، في جوهره، يُعدّ رائد أعمال يسعى لتأمين التمويل لمشروعه، وهو ما وافقه عليه هشام مهران، الذي أوضح أن كل فيلم يُعدّ مشروعًا يحتاج إلى دراسة جدوى وربحية وخطة تسويقية واضحة. وأضاف أن الدراما المصرية بحاجة إلى التطوير لتواكب الجيل الجديد الذي يتابع أعمالًا من ثقافات متعددة.
من جانبه، أوضح كريم خضر أن السينما وعالم الأعمال يشتركان في القدرة على خلق الوعي وتسليط الضوء على قضايا المجتمع، مضيفًا أن الشركات يمكنها أن تتعلّم من السينما فنّ السرد القصصي وكيفية بناء ارتباط عاطفي مع الجمهور. وأكد محمد أبو غالي أن كل عمل تجاري يُشبه الفيلم في حد ذاته، وأن الفن والأعمال وجهان لعملة واحدة.

وبالسؤال عن أهم العناصر المطلوبة لنجاح أي مشروع، أجاب كريم خضر أن روح المسؤولية هي الأساس، وأن النجاح يتحقق عندما يمتلك كل شخص في الفريق مسؤوليته كاملة، وأشار هشام مهران إلى أهمية المرونة في الاستراتيجية والقدرة على التكيّف مع التغيرات المستمرة في السوق المصري. بينما شدد محمد أبو غالي على أهمية الاستمرارية والإيمان بالرؤية، مستشهدًا بتجربة مهرجان الجونة نفسه الذي تجاوز تأجيل إحدى دوراته بسبب حرب غزة، ليعود في 2024 بنسخة أقوى وأكثر نجاحًا.
وطرح عمرو منسي سؤالًا حول إمكانية تأسيس صندوق استثماري لدعم السينما واكتشاف المواهب الجديدة. أبدى هشام مهران انفتاح «أورانج» على الفكرة، موضحًا أن شركات الاتصالات أصبحت تتوسع في مجالات الترفيه مثل الألعاب الإلكترونية ومنصات البث الرقمي، مشيرًا إلى أن الفكرة ممكنة بشرط وجود دراسة وهيكلة احترافية.
ورأى كريم خضر أن دعم السينما ممكن طالما يعكس حياة الناس الحقيقية ويقدّم قيمة مضافة، مؤكدًا أن «بيبسيكو» تدعم منذ سنوات منصات رقمية كبرى. وأشار كريم خضر إلى مبادرة «بيبسي ستارز» التي اكتشفت مواهب رياضية مثل محمد صلاح، مؤكدًا إمكانية تكرار النموذج في صناعة السينما لاكتشاف المبدعين الشباب.
أما محمد أبو غالي فأكد أن الفن هو مرآة المجتمع، وأن العالم يتجه من الرعاية التقليدية إلى المشاركة في صناعة المحتوى، مضيفًا أن الاستثمار في السينما يمكن أن يكون له مردود اجتماعي كبير.
اختُتمت الجلسة بالتشديد على أن السينما وعالم الأعمال يلتقيان في رؤية موحّدة تجمع بين روح الإبداع ودقة الانضباط، إذ تُصبح القصة أداة فعّالة لبناء التأثير وتحويل الفكرة إلى نجاح مستدام يلامس الواقع ويُلهِم الجمهور.