
مـاري فـكري
أعلن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في مصر، بالتعاون مع مهرجان الجونة السينمائي وشركة زست، عن فوز المخرج أحمد الهواري بجائزة النسخة الثانية من مسابقة الأفلام القصيرة “عيش” وذلك في فاعلية خاصة أقيمت أمس ضمن فاعليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة.
تأتي هذه المبادرة كثمرة تعاون بين برنامج الأغذية العالمي في مصر وشركة زست، تحت شعار مهرجان الجونة السينمائي “سينما من أجل الإنسانية”، لتجسّد هذا الشعار في أبهى صوره. فكلمة “عيش” في العامية المصرية، تعني الخبز كما تعني الحياة، في دلالة رمزية عميقة على أن الخبز ليس مجرد طعام يسدّ الجوع، وإنما مرادفاً للحياة نفسها.
ضمت لجنة تحكيم مسابقة “عيش” 2025 كلاً من المنتج صفي الدين محمود، والمخرجة والكاتبة آيتن أمين، والممثل والمنتج أحمد مجدي. وبعد عملية تقييم دقيقة، أُعلن عن الفائز في فعالية خاصة أُقيمت خلال المهرجان، حيث حصل الفائز جائزة إنتاج لتنفيذ مشروع فيلمه خلال العام المقبل.
وخلال الحدث، عُرِضَ إعلان الفيلم الفائز في نسخة 2024، وهو فيلم “خوفو” للمخرج محمود خالد العاصي؛ والذي يقدّم قصة مؤثرة عن الصمود وروابط العائلة في ظل تدهور صحة الجمل الذي يمثل مصدر رزق العائلة الوحيد قرب منطقة أهرامات الجيزة.
وقد علقت ماريان خوري، المديرة الفنية لمهرجان الجونة السينمائي على الحدث، قائلة: “نطلق النسخة الثانية من مبادرة “عيش” ليس كمجرد مسابقة، بل كنافذة مفتوحة على واقع يحتاج إلى من يرويه، وأصوات تنتظر من ينصت إليها. ما يجمعنا في الجونة مع برنامج الأغذية العالمي وزست هو إيماننا بأن السينما ليست ترفًا بصريًا، بل قوة قادرة على كسر الصمت وتحويل قضايا مثل انعدام الأمن الغذائي إلى قصص مؤثرة”.

وقال جون بيير دومارجوري، ممثل ومدير برنامج الأغذية العالمي في مصر: “تمثل مسابقة “عيش” للأفلام القصيرة مبادرة إبداعية تسلط الضوء على البعد الإنساني لقضية الأمن الغذائي. ومن خلال شراكتنا مع مهرجان الجونة السينمائي وزست نفخر بتوفير منصة تسمح لصنّاع الأفلام باستكشاف العلاقة العميقة بين الغذاء والكرامة والقدرة على الصمود. إننا نؤمن بأن السرد القصصي لا يرفع الوعي فحسب، بل يُلهم العمل والتغيير أيضًا”.
وقال عبدالله دنيور، مدير زست: “في زست، نؤمن بأن الطعام في صميم كل شيء، وأنه وسيلة قوية للتعبير عن المشاعر والذكريات والصراعات الإنسانية. من خلال مبادرة “عيش”، نروي قصصًا تتمحور حول الطعام من خلال عدسة السينما. وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي، نضع قضية الأمن الغذائي في الواجهة. وباستضافة مهرجان الجونة السينمائي لهذه المبادرة، نفخر بتقديم فن يُلهم التغيير. نواصل رحلتنا هذا العام بإتاحة الفرصة لموهبة جديدة لتقديم رؤيتها، إلى جانب استعادة ذكرى فيلم “خوفو” الفائز العام الماضي”.
جدير بالذكر أن مبادرة “عيش” انطلقت للمرة الأولى في 2024 بالتعاون بين مهرجان الجونة وبرنامج الأغذية العالمي WFP في مصر وزست، وعادت هذا العام في دورتها الثانية، كدعوة مفتوحة لصنّاع الأفلام من مصر والعالم العربي، لطرح سؤال بالغ البساطة وشديد العمق: كيف يمكن للأمن الغذائي؛ أن يغيّر حياة الإنسان، وهويّته، وحكايته؟
وقد وجهت مبادرة “عيش” نداءً إلى صُنّاع الحكايات البصرية، ليعيدوا تأمل العلاقة القديمة بين الطعام والفقد، وبين الجوع والذاكرة، وبين الحقل والكاميرا، وبين الخبز والمعنى، في عالم يعيش فيه أكثر من 300 مليون إنسان دون طعام كافٍ، يصبح الحديث عن “العيش” أكثر من قضية إنسانية؛ بل سؤال أخلاقي يتسلل إلى كل طبقة من طبقات المجتمع، ويعيد تشكيل العلاقات والآمال والتطلعات.
يذكر أن مهرجان الجونة السينمائي اهتم منذ انطلاق دورته الأولى عام 2017 ليس بمجرّد احتفاء بالسينما، بل بمساحة للتواصل، تخلق جسوراً إبداعية وإنسانية، وتوظف قوّتها لخلق روابط حقيقية تتجاوز الحدود، تمتد وتتطور مع كل دورة جديدة، لتُنتج فعاليات جديدة ذات هموم مختلفة ومتشعّبة، حيث يصبح الفنّ فعل مقاومة، منشغل بالضروري ومنحاز إلى المهمّش.