
مـاري فـكري
وجود الإنسان واقع معاش، أما أسلوب عيشه فهو فن من الفنون، مقولة لعالم الاجتماع والفيلسوف والكاتب الفرنسي الشهير فريدريك لونوار.. جسدها المهندس القدير سميح ساويرس، محققا واحد من أجمل تحدياته مع أرقى الفنون.. “الموسيقى”.. سرمدية الروح الإنسانية المحلقة بحرية فوق آفاق الحياة.. فها هو يحقق وهو في الـ 65 من عمره حلم لطالما اختزنه في قائمة الندم.. ألا وهو عزفه مع أوركسترا القاهرة السيمفوني – الأوركسترا التي تمثل مصر في أكبر المحافل الدولية وأيضاً المحلية _ لأول مرة في حياته.. كعازف البيانو الأساسي المصاحب للفرقة.. في حفل أقيم بقاعة كامبوس الجونة.. بشكل احترافي رائع أبهر الحضور، ونال تصفيقاً حاراً مستحقاً له هو والفرقة، بقيادة المايسترو الكبير أحمد الصعيدي.

وحتى لا يدعي البعض كالعادة إن الإمكانيات المادية يمكن أن تحقق أي حلم، فإن اتقان العزف على البيانو بهذا الشكل الاحترافي حتى تصبح العازف الرئيسي في أي فرقة موسيقية حتى ولو بسيطة، لا يمكن أبداً أن يكون حلم يتحقق بالمال.. بل بالجهد والتعب والتدريب الموسيقى الدؤوب والصعب.
إن عشق سميح المتأصل فيه للموسيقى الكلاسيكية منذ الصغر.. تحول بالصبر والجهد والإصرار من حلم ليصبح حقيقية..

إن هذا ما يؤكده المهندس سميح ساويرس بنفسه عندما قال بمناسبة الحفل الذي عزف فيه: عندما بلغت 59 عامًا، بدأت العمل على تحقيق البند الأخير في أجندة – الأحلام_ الخاصة بي، كنت أرغب في التجول حول العالم على متن قارب منذ أن كان عمري 15 عامًا عندما كنت صغيرًا، لم يكن لدي المال. عندما كان لدي المال لم يكن لدي الوقت. وبعد ذلك كان لدي الكثير من الأطفال يصعب معهم السفر لفترة طويلة وتركهم أو حتى اصطحابهم معي.
أخيرًا، في عمر الـ 59، عندما كبر الأولاد وغادروا المنزل، وتمكن الشباب من أن يقوموا بالتعليم عن بعد، تمكننا أخيراً من القيام بالرحلة. كانت الرحلة هي البند الأخير في القائمة الخاصة بي، وبعد ذلك لم يكن لدي أي تحدٍ متبقي، ثم بدأت في البحث عن شيء جديد ووجدته في قائمة الندم.
فحتى عندما كنت مراهقًا أحببت الموسيقى الكلاسيكية ولكني لم أعزف أبدًا على آلة موسيقية، لذلك قررت في سن التاسعة والخمسين أن أتعلم كيفية العزف على البيانو، وصاحب ذلك طموح عزف كونشيرتو البيانو مع أوركسترا في قاعة حفلات عامة عندما أبلغ 65 عامًا. وأضاف سميح: حتى منتصف هذا الليل، أصبحت أبلغ من العمر 65 عامًا. وبالتالي، اكتمل التحدي الخاص بي وأتمنى أن تستمتعوا به.
شكر سميح ساويرس في نهاية الحفل المايسترو الكبير أحمد الصعيدي وكذلك كل من ساهم في تعليمه البيانو وتحقيق حلمه بالعزف وسط أوركسترا سيمفوني، ثم تم تقديم عدد من أشهر السيمفونيات العالمية، قدمها عدد من العازفين الأجانب لاقت استحسانا وتصفيقا حاراً من الحضور الذين كان من ضمنهم جراح القلب العالمي السير مجدي يعقوب، الدكتور محمد أبو الغار، المهندس القدير “على الهيتمي”، والمهندس هاني عياد، والسفيرة منحة باخوم، وعدد كبير من الشخصيات البارزة والضيوف الأجانب.

يُذكر أن برنامج الحفل في الجونة هو نفس البرنامج الذي قام سميح بالعزف فيه بمصاحبة الأوركسترا السيمفوني السويسري في مدينة أندرمات بسويسرا، و قد كان من المقررً إقامة الحفل في مدينة الجونة وكذلك في دار الأوبرا المصرية في وقت سابق بمصاحبة الأوركسترا السويسري، ولكن كان تم تأجيله بعد إصابة المهندس سميح ساويرس بكسر في إصبعه، وكان المهندس سميح ساويرس قد أعلن عن مضاعفة عائد الحفلة وتخصيصها لدعم مشروع مدارس مصر التابع لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية.

تحية تقدير من القلب للمهندس القدير سميح ساويرس الذي أصر على تحقيق حلمه الجميل حتى بعد أن تجاوز الستين.
رابط من الحفل: