
مـاري فـكري
تتعاون كل من اليونسكو ومصر بشكل استباقي في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمياه. وتشارك اليونسكو بالتعاون مع الدول الأعضاء بما في ذلك مصر ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية في تنظيم 26 حدثا جانبيا خلال المؤتمر. ينضم البرنامج الهيدرولوجي الدولي التابع لليونسكو ومصر إلى جمهورية كوريا للمشاركة في تنظيم حدث جانبي حول “التقييم العالمي للمياه القائم على العلم”، والذي سيعقد في 24 مارس الساعة 5:00 مساء بتوقيت نيويورك.
وبالنظر إلى أن أكثر من 95٪ من موارد المياه العذبة المتجددة في مصر مصدرها خارج البلاد، فإن التحدي الأكثر أهمية للموارد المائية الذي يواجه مصر هو ندرة المياه وقد انخفض نصيب الفرد من موارد المياه المتجددة بشكل مطرد من 650 م مكعب في عام 2015 إلى 570 م مكعب في عام 2019 ومن المتوقع أن يصل إلى 500 م مكعب بحلول عام 2025. وهذه الحصة أقل بكثير من( حد\ معدل 1000 م مكعب سنوياً لفقر المياه. )
ويعمل مكتب اليونسكو بالقاهرة مع قطاع المياه في مصر منذ منتصف الستينيات. ويعد التعاون من أجل المياه أحد المبادئ التأسيسية للبرنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي التابع لليونسكو (UNESCO-IHP). تأسس البرنامج عام 1975 عقب العقد الهيدرولوجي الدولي (1965-1974) ، والذي يمثل أول تعاون دولي في قضايا المياه بما في ذلك علوم المياه، والبرنامج حاليًا في مرحلته التاسعة (2023-2029) المعنونة “العلوم من أجل عالم آمن مائياً في ظل تغير البيئة”. منذ تم انشاؤه عزز برنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي الشراكات الدولية على مستويات متعددة بما في ذلك بناء القدرات، وتقديم المشورة بشأن السياسات، والبحث العلمي المشترك من أجل إنشاء وتبادل ونشر المعرفة وأفضل الممارسات. ويقوم مكتب اليونسكو الإقليمي للعلوم في الدول العربية بتنفيذ برنامج اليونسكو- في المنطقة العربية. نحن نشجع التعاون بين اللجان الوطنية للبرنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي في المنطقة العربية، ومع الكراسي والمراكز التابعة لليونسكو ذات الصلة بالمياه في المنطقة والعالم لدعم الدول العربية الأعضاء في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للموارد المائية. في السنوات الخمس الماضية، دعم مكتب اليونسكو ما يقرب من 3000 خبير مياه عربي في قضايا تشمل الإدارة المتكاملة لموارد المياه، وإدارة المياه الجوفية، والإدارة الاستراتيجية لموارد المياه في ظل حالة الندرة، وإعادة تغذية المياه الجوفية من أجل التنمية المستدامة للمياه الجوفية، والعلاقة بين المياه والطاقة والغذاء، وتقييم آثار تغير المناخ على موارد المياه والتكيف مع هذه الآثار. ويتماشى ذلك مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لليونسكو لقيادة مكون تنمية القدرات في إطار تسريع الإجراءات المتعلقة بالهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة.
وتقوم منظمة اليونسكو بإطلاق التقرير السنوي لتقييم المياه العالمي (WWDR) بمناسبة اليوم العالمي للمياه. حيث يقوم برنامج تقييم المياه العالمي التابع لليونسكو (WWAP) بإعداد ونشر التقرير نيابة عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية، منبر الأمم المتحدة الذي ينسق عمل وكالات الأمم المتحدة والشركاء في مجال المياه.
يعتبر يوم المياه العالمي لعام 2023 الأكثر أهمية حتى يومنا هذا لأنه يمثل بداية مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023 (22-24 مارس 2023)، والذي يُعقد تحت شعار “تسريع التغيير”. ابتداءً من اليوم، سيستعرض المؤتمر التقدم المحرز في تحقيق الهدف السادس من أجندة التنمية المستدامة 2030 (الهدف 6: ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة). وسيحضر المؤتمر خبراء ومسئولون عن قطاع المياه من جميع أنحاء العالم للقيام بمراجعة وإعادة تأكيد الالتزامات الخاصة بالهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة والأهداف الأخرى ذات الصلة بالمياه المتفق عليها دوليًا.
يقدر تقرير تنمية المياه في العالم، الذي أصدرته المديرة العامة لليونسكو اليوم، أن تحقيق التغطية الشاملة بحلول عام2030 (كما هو مطلوب في الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة) سيتطلب مضاعفة المعدلات الحالية للتقدم في خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية (Wash) أربعة أضعاف. ووفقا للتقرير، لا يزال 2 مليار شخص في جميع أنحاء العالم (26٪ من السكان) حتى الآن يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة، ويفتقر 4.6 مليار شخص (46% من السكان) إلى خدمات الصرف الصحي المدارة بأمان. وبالإضافة إلى ذلك، يعيش كثير من الناس شهرا واحدا على الأقل كل عام تحت ضغط مائي شديد في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء. لا تزال نوعية المياه والنظام الإيكولوجي للمياه مهددين بسبب النمو السكاني والتحضر السريع، ولا يزال الأمن الغذائي المستقبلي للعديد من البلدان، وخاصة في المنطقة العربية القاحلة، غير مؤكد.
في عام 2020، قدر البنك الدولي أن إفريقيا وحدها ستحتاج إلى استثمارات بقيمة 30 مليار دولار أمريكي في قطاع المياه سنويا لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة SDG 6 بحلول عام 2030 ومع ذلك، في عام 2020، بلغ إجمالي المساعدة الإنمائية الرسمية(ODA) التي تستهدف المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية 8.7 مليار دولار أمريكي فقط على مستوى العالم، وهو ما يختلف تماما عما هو مطلوب بالفعل. من الواضح أن تسريع الإجراءات نحو تحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة يمثل تحديا عالميا يتطلب جهودا وتعاونا عالميين. ليس من المستغرب أن يركز تقرير التنمية العالمي 2023 على “الشراكات والتعاون من أجل المياه”.