الراهبة ” كيارا”.. ترسل رسالة للمنبوذين والمقهورين وحتى العاملات بالدعارة.. بالعالم كله !

توقفت الراهبة “كيارا” عند إحصائية خطيرة، ترصد ارتفاع عدد ضحايا الاتجار بالبشر عبر البحر الأبيض المتوسط بنسبة 600٪ بين عامي 2014 و 2017، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة (IOM) ).

وبعد أن علمت “كيارا” أن النساء وبخاصة في بلد مثل نيجيريا.. غالبًا ما يخضعن لسيطرة المافيا النيجيرية، التي تتواصل مع النساء في موطنهن، وتزودهن بالمال للهجرة ثم يقوموا بابتزازهن بهذا الدين بمجرد وصولهن إلى إيطاليا، وبالأكثر إجبارهن على العمل بالدعارة. شعرت الراهبة أنها يجب أن تكون صوت هؤلاء الأشخاص الذين في الغالب لا صوت لهم.
قالت الراهبة “كيارا”: “عندما أذهب لمقابلة هؤلاء النساء في الشارع، أبتسم. ثم أصلي معهن. لا أرى هؤلاء النساء كعاهرات، بل أراهن نساء مدهشات وجدن أنفسهن هناك بسبب الحزن في حياتهن”.
**عن كيفية بداية هذه الخدمة تقول الراهبة كيارا: لقد علمت أن حوالي 10 آلاف امرأة نيجيرية ، العديد منهن مازال قاصراً، تقفن يوميًا على جانب الطرق الإيطالية في انتظار الزبائن استأجرت سيارة، وملأت التُرمس بالقهوة ولفيت الإفطار في الورق، إذ أعتقد أن الانسان يجب أن يقوم بشيء ما نافع لغيره.. ثم توجهت إلى الطريق وإلى النساء. إنه مكان مغلف بالصمت الناتج عن الخوف.
وأوضحت الراهبة كيارا: لقد مارس المهربون الكثير من الضغط على هؤلاء النساء وهم يبقونهم تحت المراقبة. كانت النساء حريصات للغاية في تعاملهن معي في البداية. اعتقدوا في البداية أنني كنت بحاجة للمساعدة لأنني لا أرتدي أحذية، وقدموا لي أحذية. ومن وقتها وثقت بي النساء. كان الفقر هو الجسر الذي جمع ما بيننا.
فقد قامت المافيا النيجيرية، والمجموعات الفرعية مثل “الفأس الأسود” و “الأخوية العليا” ببناء مستوطنات مستقرة في إيطاليا وشبكة واسعة للدعارة ممتدة في أوروبا. وهم يطالبون بمبالغ باهظة للرحلة تصل إلى 50 ألف يورو.
وتتعرض النساء للابتزاز لأنهن في كثير من الأحيان يضطررن إلى سداد تكاليف رحلاتهن إلى أوروبا بأن تمارسن الدعارة التي تُجبرن عليها، لأنهن غالبًا ما تكونون في البلاد بشكل غير قانوني وأن بعضهن قد زور جوازات سفرهم. ويروج الرجال الذين يسيطرون على النساء المهاجرات لأنفسهم على أنهم يحميهن، لكنهم في الواقع مجرمون يضطهدون النساء
**وبعد انتشار خدمة الراهبة “كيارا”، وعلى مدار السنوات الماضية، وجدت العديد من النساء المهاجرات مكاناً للنوم ولتناول الطعام في دير الأخت كيارا، هذا بالإضافة إلى المساعدة في رعايتهن ورعاية أطفالهن، لبناء حياة جديدة لأنفسهن بعيداً عن حياة الشوارع والعمل بالدعارة.
أوضحت الراهبة كيارا: “مهمتنا هي توفير العون لمن هم على هامش الحياة، ويشمل ذلك العاملات بالدعارة، وكذلك أي شخص وجد نفسه على حافة حياته، فنحن نوفر لهم العناية بكل المحبة التي أعطانا إياها الرب”.
وتتابع كيارا “لقد رحبنا بالعديد من النساء اللواتي وجدن أنفسهن حوامل وبالتالي لم يعد بإمكانهن العمل، حتى بالدعارة، وبالتالي لم يكن بإمكانهن دفع إيجار بيوتهن. لقد ساعدناهن بفترة حملهن وفي رعاية أطفالهن الجدد، ونحاول إيجاد عمل لائق لهن حتى يكون بمقدورهن العودة للاندماج في المجتمع بأفضل طريقة ممكنة لهن ولأطفالهن”.
توضح كيارا: النساء تمكث في الدير لفترات مختلفة، فإن “الرب هو من يقرر المدة التي يحتاجها شخص ما للبقاء، ولا نفرض أبداً أي شيء. قد يبقى شخص ما شهرين أو ثلاثة، وقد يبقى شخص آخر لفترة أطول، لا يمكنك تحديد الحب بوقت، فبعض الجروح تستغرق وقتاً طويلاً للشفاء.
وتشير الراهبة كيارا أيضا إلى أن من ضمن خدمتهم اصطحاب أطفال السيدات إلى المدرسة، وتشبيكهم بأنشطة مختلفة
وتؤكد الراهبة كيارا: “يعتقد الكثير من الإيطاليين – والأوربيين- أن هؤلاء النساء اخترن طريقة الحياة هذه بحرية. لكن لا توجد امرأة ستختار هذا الطريق بإرادتها”.
(إن الابتزاز الذي تتعرض له هؤلاء النساء ذو شقين. فهناك الديون الضخمة التي يجب عليهم سدادها. من ناحية أخرى، إيمانهن بسحر الفودو – والذي تُدفع فيه النساء إلى تقديم نذر تكره كسره، وبالتالي لا تجرؤن على ترك العمل الجنسي وراءهن. )
وتوجه الأخت كيارا رسالة لكل مهاجرة تعمل بالدعارة في الشارع بأنها: تنتظرهن، وتقول: “أود أن يعرفن أنهن لسن بمفردهن، وإذا شعرن بالوحدة، فنحن هنا، نعد لهن مكانًا، ونريدهن أن يعدن اكتشاف الكرامة في حياتهن، وأقول لهن بأننا نريدهن أن يعرفن أننا سعداء جداً بالترحيب أيضاً بالكنوز الرائعة التي يجلبنها معهن في أرحامهن”.
(إذا كنت بحاجة لمساعدة من الأخت كيارا، يمكنك العثور على ديرها.. فهي تريد مساعدتهم على فهم أن لديهم خيارًا آخر أيضاً.. وأن هناك أماكن مثل المنظمة الدولية للهجرة يمكن أن تلجأن إليها لتقديم طلب رسمي للجوء.)
في النهاية تعلن الراهبة “كيارا” بإيمان وقناعة راسخين – كما في رسالة صريحة للعالم : لا يمكننا أن نكون غير مبالين بالنساء اللواتي يعملن في الشوارع، أو بالسجناء الذين ربما ارتكبوا الكثير من الأخطاء الفادحة. نحن كلنا أبناء الله، وعندما نواجه المعاناة، نصبح أكثر إنسانية. أحياناً تمنحك هذه المعاناة فرصة ثانية. نحن هنا بأذرع مفتوحة لنقول للناس: يمكنكم النهوض والبدء من جديد”. ويبقى السؤال لماذا لا يتم القبض على المافيا النيجيرية في إيطاليا و أوروبا بشكل عام، خاصة وأن هناك سابقة في ألمانيا، والتي انتشر فيها أيضًا، الجمع بين سحر الفودو والدعارة، حيث ألقت شرطة ولاية هيسن وفي يونيو 2019 القبض على عدد من أعضاء المافيا النيجيرية. وإلى أن يتم تطهير أوروبا والعالم كله من مافيا الاتجار بالبشر وشبكات الدعارة المفروضة على النساء.. لصون كرامة المرأة على أرض الواقع.. وليس مجرد إعلان قوانين – غير مدعومة بالتنفيذ عن حقوق مساواة الرجل بالمرأة.. تبقى الراهبة كيارا.. وهج من نور المحبة والأمل والرجاء الذي يوصله الله من خلالها لهؤلاء النسوة البائسات.